Our sponsors

24 نوفمبر 2013

لعبة [The Walking Dead] هي لعبة حياة.



"لعبة تفاعلية" مصطلح سمعناه كثيراً يردده المطور الفرنسي "ديفيد كيج" حينما يريد وصف ألعابه، اعتقد أنني وجدت أفضل لعبة مثلت التعريف المتكامل لهذة العبارة، لعبة The Walking Dead شخصياً قد اعتبرها أحد مفاجآت هذا الجيل، لأنني حينما سمعت أول إعلان عن اللعبة من قبل Telltale تعجبت من توجه المطور لأنني اعتدت عليه ألعاب Point and Click، كما كنت اظن مصيرها الفشل و هدفها تجاري كـ أي لعبة تريد محاكاة لقصة مسلسل أو فيلم، لكن في الحقيقة استدركت الموقف و اكتشفت انها لا تمت للمسلسل و لا حتى القصة المصورة بأي صلة، و أن نظرتي لها كان خطئاُ جسيماً، اللعبة نجحت في فرض نفسها بدليل الالقاب التي حصلت عليها و إجماع أعجاب اللاعبين لها.

لعبة The Walking Dead هي لعبة صدرت على مختلف شبكات أجهزة الفيديو جيمز، و تصدر على نظام الحلقات بحيث الحلقة الأولى صدرت في ابريل 2012 بينما الحلقة الخامسة و الأخيرة صدرت في نوفمبر 2012، معدل مجموع مراجعات اللعبة لكل الحلقات تقريباً ما بين 79% إلى 89%، و نتيجة لذلك فإن الحلقة الأولى من اللعبة قد باعت مليون نسحة في 20 يوم و ذلك يتوجها أسرع لعبة مبيعاً للمطور و الناشر Telltale، و حتى اكتوبر 2013 فاللعبة باعت 21 مليون من مجموع الحلقات، اللعبة حصلت على لقب "لعبة العام" في 20 مناسبة ابرزها من قبل جوائز Spike Video Game.

نبذة:

"لي إيفرت" مدرس تاريخ في جامعة "جورجيا" يحكم عليه بالسجن بعد قتل زوجته بسبب خيانتها مع رجل أخر، هذه ليس القصة، القصة هي حينما يكون "لي" في سيارة الشرطة متجهاً للسجن يتفاجيء بحادث أليم يقتل على آثره السائق و ينجو "لي" بأعجوبة رغم اصابة ساقه الكبيرة، يكتشف "لي" أن العالم فجأه لم يكن كما هو حينما يهاجم من قبل احد "الموتى السائرون" و يتحصن بمنزل مجهول لم يجد به سوى فتاة صغيرة تدعى "كليمنتاين" التي بدورها تنتظر عودة والديها و هنا يأخذ "لي" على عاتقه حمايتها وسط هذا العالم المتهالك.

"كليمنتاين" أخر وجه للأنسانية لـ "لي"

لماذا فجأه انتشر اسم The Walking Dead سواء على صعيد المسلسل أو لعبة الفيديو جيمز؟ أصيغ السؤال بطريقة أخرى لماذا القصة المصورة نجحت بهذا الشكل العملاق؟ رغم انها تضمنت مخلوقات واسعة الانتشار "الزومي"، ليس سؤال ذكاء و لكن سؤال استغربت أنه لم يخرج من عالم الترفيه سوى كاتب واحد ليفكر عكس التيار و يستخدم خلطة مختلفة عن عالم "الزومبي" أو "الموتى الأحياء"، كيف حينما انتشرت أفلام و قصص تلك المخلوقات القبيحة جميعها كانت تسلط الضوء على ثلاث محاور: قتلهم و البحث عن علاج أو القضاء عليهم نهائياً، لكن سلسلة "الموتى السائرون" نظرت لجانب مختلف تماماً عن كيف يواجه الاشخاص الطبيعين هولاء المخلوقات؟ إنها كلمة واحدة عنصر النجاة، "الموتى السائرون" بنسختها اللعبة أعجبني جرأتهم في التخلي عن القصة الأصلية و الإتجاه لخلق عالمها الخاص بشخصياته و أحداثه، فلا داعي أن يتم تكرار قصة قرأنها او شاهدناها مسبقاً.

اللعبة لا تستطيع أن تصف أسلوبها بشكل جيد، بما أنها احتوت على عناصر مختلفة فـ هي ليست تماما تعتبر لعبة Point and Click، بحيث أنها لا تجعلك تستكشف كثيراً رغم انها احتوت على بعض العناصر مثل وجود ألغاز بسيطة و التقاط بعض الأدوات للاستفاده منها لاحقاً، في جانب أخر اللعبة اتجهت للطريقة التفاعلية في مواجهة الأعداء بأسلوب ألعاب Quantic Dream لكن بشكل أفضل، حيث ان هذا الجانب اعتقد تم الابداع به بصورة مختلفة، فمع كل عقبة أعداء يجب أن تفكر سريعاً للتصرف معهم بشكل يختلف عن العدو السابق و ليس فقط ضغط ازرار متتابعة لا تعرف مسبقاً ماذا سوف يتنج عنها، فـ اللعبة أبدعت في أن لا تجعلك تواجهة "الزومبي" كأي لعبة أخرى و أنت محمل بالأسلحة بل أن كل "زومبي" لديه طريقته الخاصه للقضاء عليه طبقاً للظروف المحيطة، فأحياناً يجب أن تفكر سريعاً لطريقة للهروب منهم و أحياناً يحتم عليك أن تحاول أن تنقذ أحدهم بطريقة ما و أحياناً لا مفر من قتلهم حتى و لو لم تملك سلاح، فـ غالباً تكون شخصية "لي" في وضع حرج عند وجود "الزومبي" و مدة زمنية قصيرة حتى يتخلص منهم، و هذا الأمر بحد ذاته ذكاء من المطور لأنه يزيد من نسبة الإثارة و التوتر و يجعلك فعلاً تشعر بقوة و وحشية مخلوقات "الزومبي"، فمع كل مرة يظهر أحد هذه المخلوقات هذا يعني أن ثمة كارثة قادمة، و هنا الفارق بين The Walking Dead و اي لعبة "زومبي" اخرى.


كل "زومبي" يظهر هذا يعني ثمة كارثة قادمة

ربما احد الأمور التي احبطتني لأنني اعتقد أسلوب اللعبة يتمتع بالحرية المطلقة، و أنا أعني الكثير من المواقف الحرجة و العديد من العقبات المختلفة تمتلك طريق واحد خطي حتى تجتازها و لا تملك العديد من الخيارات مثل لعبة Heavy Rain، و هذا أكبر خطأ ارتكبته أن تقارن اللعبة بتلك لأن The Walking Dead تمتلك أسلوب مختلف في الخيارات و تخطي العقبات، لكن رغم ذلك كنت أفضل أن يكون لديك و لو ذات أثر محدود لإنجاز بعض المراحل، مثلاً في أحد لحظات الحلقة الأولى يحتم عليك ان تقتل خلسة بضع "زومبي" بدون أن يشعر بك بقية المخلوقات، و من المفترض إذا اخطأت في الاستراتجية المناسبة تستكمل اللعبة و تصبح أكثر صعوبة لكن ما يحدث هو أنك إذا لم تفعل كما تريد اللعبة سوف تخسر سريعاً، في الحلقة الثالثة احد اللحظات تتطلب منك تتسلل إلى منزل دون علم أحد لكن في النهاية سوف يكشفوك و هذا خيار مرغم عليه و لا يوجد طريقة أخرى مثلاً لإنهائها، مثل هذه الأمور لو توجد خيارات أكثر و لو محدودة كانت لتزيد من متعة اللعبة و تضيف إليها أكثر تحدي و خطورة في كل خطوة و ايضاً لعبة مثل هذه لم اتمنى مشاهدة شاهدة Game Over موجودة، لكن لا ألوم اللعبة كثيراً بما أن المطور ربما لا يستطيع توفير مثل هذا و على اية حال طريقة تقديم مثل هذه اللحظات كانت مثالية، فهي لا تتوقف عن حبس انفاسك و تشد من أعصابك، فـ لذلك حينما تلعب اللعبة لا تعتقد أن يكون لديك العديد من الخيارات لأن فلسفة اللعبة تركز على خياراتك في طريقة التعامل مع شخصيات الناجين الأخرى و مدى شدة علاقاتك معهم، و هذه تعتبر نقطة تغيير جزء من أحداث القصة طبقاً لطريقة تكوين علاقاتك معهم، طبعاّ ذلك من خلال الحوارات العديده في اللعبة و التي تبدي فيها وجهات النظر و قد تغضب الأخر و تسعد الأخر و قد تنضم لجانب شخص ايضاً و تكون احد الشخصيات اعدائك و كما ذكرت فائدتها لاحقاً سوف تظهر إذا وقعت في موقف حرج فمن الذي يمد إليك يد العون؟

الحوارات في اللعبة تقريباً هو الأساس الذي بني عليه اللعبة منها تكون علاقاتك مع شخصيات و منها ايضاً يتم سرد احداث القصة، الجميل و الذي امتازت به اللعبة هو اتقان مثل تلك الحوارات و الابتعاد عن التكلف قدر المستطاع والأتجاه للعفوية التامة بحيث تشعر أنها محادثات تخرج من فمك مباشرة و تضع انت اللاعب في موضع شخصية "لي" و الكثير من المواقف تكون على المحك و أنت من لديه الخيار طبعاً حسب نظرتك الشخصية للموقف دون علاقة بقصة اللعبة، الكثير من الأسئلة التي تداعب مشاعر اللاعب و تجعله يتفاعل مع اللعبة و يعتبر جزء منها فـ ليس كل سؤال أو موقف يجب أن يكون لك ردة فعله تجاه بعض الأسئلة الصعبة يمكنك فقط أن ترد عليها بعبارة "لا أدري" أو ايضاً ان تسكت دون أن تنطق شيئاً و هذه فيه محاكاة رائعة للواقع فـ ليس كل موقف أو حوار لديك الحل و الطريقة للتعامل معه احياناً حرفياً لا تعرف ماذا تقول و ماذا تفعل، هل يحتم عليَ أن أساعد شخص يكرهني؟ أم أجعله يموت أمامي؟ هل اقسو على احد الشخصيات بسبب موقف سابق ضدي؟ أم اعفو عنه و اصبح أفضل منه؟ هل أنقذ تلك الفتاة من ايدي "الزومبي" أم أجعلها لقمة سائغة لهم؟ أحد الحلقات تخيرك في توزيع الطعام للشخصيات و هنا يظهر استراتجيتك مع الأشخاص و كلاً ربما حسب مصلحتك الشخصية أو مدى عطفك تجاه أحدهم، هذه الخيارات التي تتعلق في الشخصيات فقط ايضاً تخيرك في الكثير من الاحيان في الاختيار بين اثنين من تجعله يموت و من تنقذه، لكن في الحقيقة الموزانة في اختيارات الشخصية و العلاقة بينهم غير معتدلة في الكثير من الأحيان، بعض الشخصيات مهما ساعدته و وقفت في صفه يكرهك على اتفه الاسباب و ينسى أعمالك البطولية معه، و هناك شخصيات من أمر تافه قمت به يقف بجانبك إلى النهاية، هذا الأمر أثار ضجري و جعلني احقد على الكثير على الشخصيات التي ساعدتها و كيف أنها أنكرت ذلك و لم أجني من مساعدته اي شيء، و هذا يجعلني اعود لأقول أن في الكثير بل أغلب لحظات اللعبة لست من تريد تسيرها بالشكل الذي تريده مهما كانت علاقاتك مع الشخصيات لأن القصة على اية حال تسير إلى طريق واحد و علاقاتك مع الشخصيات تعتبر من منظور انساني تنبع من ضميرك انت مهما كان تأثير تلك الخيارات و انها لم تفيدك كثيراً.

محادثات عفوية

قصة اللعبة تحمل طابع إنساني درامي عاطفي لم أره في لعبة أخرى، كمية مشاعر تتدفق في هذه اللعبة و احياناً اشعر بين اللعبة و بين أعصابي أنبوب يجري بينهما، و كذلك اللعبة الوحيدة التي نجحت بكسر الحاجز ما بين ما هو موجود في الشاشة إلى اللاعب نفسه! أغلب تعاملك مع الشخصيات سواء كانت حوارات أو مواقف صعبة يتم عرضها لجعلك أنت اللاعب هو المستهدف الأول ليشعر بها، ثمة لحظات قاسية تجعلك اللعبة شريك بها و خيارات أخرى تنبع من عاطفتك أنت و كيف ممكن أنت تتصرف في مثل هذا الموقف، استطيع ان اصف الطريقة التفاعلية المؤثرة في اللعبة جعلتك فعلياً تعايش حياة لم تفكر بها بعد بل أنت جزء منها، فاللعبة لا تتوقف عن جعلك شريك في مشاركة لحظات قسية و صعبة لم اعتقد يوماً ما أن اشاهدها في لعبة فيديو جيمز، قصة اللعبة بشكل عام تعرض كيفية أن يعيش مجموعة من البشر في وضع مرعب بحيث يحدق بهم الموت من كل مكان، كيف أن مثل تلك المواقف تغيير من انسانية الشخص و تجعله لا يفكر إلا بنفسه؟ أو هل ثمة خير يبقى رغم كل الشر؟ و كيف يمكن أن يعتني بعضهم البعض رغم كل المصاعب؟ و تتفجر قمة الدراما حينما يكون اساس اللعبة هي الطفلة الصغير "كليمنتاين" و التي تعطيك اختباراً في الحياة، و تجعلك الوحيد المتكفل بالتصرف معها في اقبح و أخطر حقبة بشرية، مثلما ذكرت جانب كبير من اللعبة يسلط الضوء على نظرة طفل بريئة لحياة لم يعد بها قوانين أو اي مباديء أو أخلاق كل شخص فقط يفكر للنجاة، بينما هي لا تتوقف عن إحراجي بتمسكها "الملائكي" عن تصرفات الضرورية و العنيفه للدفاع عنها، اللعبة نجحت في جعل كل همك هو "كليمنتاين" و هي تعني العالم بالنسبة لك و اي خيار تقوم به يجب أن تفكر بمصلحتها بدرجة أولى، و بوجود عنصر الطفلة سوف سيل منجرف من الدراما الناضجة التي لم أرى اي لعبة حاولت أن تصل لموقعها، طريقة رواية القصة و تفاعلك معها بوجود مواقف جريئة مؤثرة استطيع أن أقول ربما انها اللعبة الوحيدة التي كسرت الحاجز بين اللعبة و اللاعب نفسه، ثمة مواقف عديدة ليس الهدف منها أن تتجاوزها كعقبة فقط بل انها في كل مرة تلامس وتر حساس في ذاتك و تجعلك في موقف لن تفكر ان تعيش به ابداً و على أثرها ينبع منك الخيارات التي تقوم بها طبقاً لشخصيتك انت فقط و ليس ما تريد اللعبة أن تدفعك به، لذلك يمكنني أن أطلق على اللعبة لقب "لعبة حياة".

الشخصيات في اللعبة حتى لو بغضت من بعضهم في النهاية سوف تفهم وجهة نظرهم الشخصية و الطريقة التي ينظر بها، فـ أغلب الشخصيات و كأنها مستوحاة من عالم حقيقي بعيدة عن التكلف و الخيال، و أنا أقول اغلب الشخصيات و ليس كلها فـ هناك الأب الذي لا يكترث سوى بعائلته و البنت التي تدافع عن والدها مهما إن كان مخطيء لأنه كل ما تملك و المراهق الذي يحاول مساعدة الفريق لكنه يفتقر للذكاء و سرعة البديهه، نماذج عديدة من شخصيات الحياة و كيفية تعاملها مع وضع تفتقد فيه الحياة ملامحها، لكن حتى اعطي اللعبة حقها الكامل ثمة مشاهد في اللعبة تفتقد للمنطق بما انها لعبة تجسد الواقعية مثلاً الذخيرة التي لا تنتهي و المهارة التي يمتكلها الجميع باصطياد رؤس "الزومبي" و بعض مشاهد "كليمنتاين" صعبة اتقبلها في الواقع.

شخصيات تنبض بالحياة

الخلاصة:

لعبة The Walking Dead اللعبة التفاعليه المتكاملة، و نوذج مثالي للقصة الدرامية الممتازة، لعبة نجحت في أن تكون جزء منها، جوانب تفاعلية مثالية تضعك في تحديات في التصرف ما بين التعامل مع الشخصيات و محاولة النجاة و الدفاع عن "كليمنتاين" بأقصى طريقة، لعبة جديرة بالاحترام و الإعجاب في خلق دراما متكاملة و خلقت الكثير من الشاهد القاسية و التي لا اعتقد الفيديو جيمز جريئاً بما فيه الكفاية ليصل لها، لعبة The Walking Dead اعتقد انها طبقت فلسفة "ديفيد كيج" و نجحت في خلق ما لم يستطع فعله في جميع ألعابه.
 

0 التعليقات:

إرسال تعليق