نقلاً عن صحيفة الشرق الاوسط :
ليس بعيدا عن التوقعات، جاء إعلان الأكاديمية السويدية عن اسم الفائزة بجائزة نوبل في الآداب لهذا العام 2009، فاسم الكاتبة الألمانية، الرومانية الأصل هيرتا ميللر ، طغى على صفحات الجرائد السويدية وفي الراديو والتلفزيون لعدة أيام قبل أن يخرج السكرتير الدائم الجديد للأكاديمية السويدية بيتر إينغلوند ليعلن الخير، في الساعة الواحدة تماما من ظهر أمس بتوقيت السويد، عن فوز الكاتبة الألمانية ـ الرومانية هيرتا ميللر ، ذلك «لأنها بكثافة الشعر وموضوعية النثر استطاعت أن ترسم فضاء المحرومين».
وأول انطباع لها عن فوزها بجائزة نوبل في الآداب لهذا العام عبرت عنه للإذاعة السويدية، عبر الهاتف، قالت هيرتا ميللر: «لا أستطيع أن أصدق هذا، إنه شيء لم أكن أتوقعه تماما، البوصلة في رأسي لا تسير بالاتجاه الصحيح»، مؤكدة أنها ستحضر إلى ستوكهولم لتسلم الجائزة مع بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وفي تعليق أدلى به السكرتير الدائم للأكاديمية بيتر إينغلوند للإذاعة السويدية، قال إن «الكاتبة لا تستخدم كلمات صعبة في كتاباتها، وهي من جانب لديها لغة رائعة، لغة خاصة بها وصوت لا يمكن أن تخطئه، ومن جانب آخر لديها أشياء تحكيها، مهمة تنطلق من داخلها، شيء يجبرها على الكتابة بحرية عما كانت تعاني منه، فينساب إلى الخارج».
ولدت الكاتبة هيرتا ميللر في السابع عشر من أغسطس (آب) عام 1953 في قرية قريبة من مدينة تيمشوارا برومانيا. ومن خلال كتاباتها التي تسرد فيها سيرتها الذاتية بألوان مختلفة، وعن الأقلية الألمانية في رومانيا إبان حكم شاوشيسكو ، الذي كانت تنتقده باستمرار. وبعد إكمالها الثانوية في تيمشوارا ، درست هيرتا ميللر في جامعة المدينة اللغتين الألمانية والرومانية، وشكلت مع كتاب شباب آخرين مجموعة نادت بحرية التعبير. وبعد تخرجها من الجامعة عملت في مصنع للآلات كمترجمة لكنها فصلت، حسبما تشير المصادر، من عملها بسبب رفضها التعاون مع الشرطة السرية الرومانية، فعملت لفترات قصيرة كمعلمة لكنها حوربت ووصمت بـ«عنصر طفيلي» من قبل النظام القائم حينذاك. وبعد سنوات من الكتابة، أصدرت أولى مجموعاتها القصصية بعنوان «منحدرات» عام 1982، وبعد عامين أصدرت كتابا في ألمانيا بعيدا عن رقابة السلطات الرومانية، وقد عرضها ذلك إلى تهديدات من قبل الشرطة السرية حينئذ، ومنعت كتاباتها، وفي عام 1987 التجأت وزوجها إلى ألمانيا الاتحادية، وكرست عملها للكتابة والنشاط في قضايا اجتماعية، وعملت كأستاذ زائر في عدد من الجامعات في ألمانيا والولايات المتحدة الأميركية وفي سويسرا وبريطانيا. وتعد هيرتا ميللر ، بالإضافة للرواية، شاعرة وناقدة.
وفي ألمانيا لفتت الانتباه، في المقام الأول كونها كاتبة ألمانية من أصل روماني، ولكنها انتشرت عالميا بعد حين. وهي تكتب بالألمانية، ولكن الرومانية، لغتها الأم الثانية، تمنح لغتها الأدبية قوة أكثر كما يشير بعض النقاد، محاولة أن تخلق توازنا بين ما تفصح عنه، وما تخفيه. والمحور الأساسي في كتابتها هو مقاومتها للنظام الشمولي، ليس سياسيا بل إنسانيا وروحيا، وهذا بالنسبة لها موضوع ما زال ملحا، ليس من منظور تاريخي فحسب، بل ومن جهد آني متواصل، انطلاقا من قريتها برومانيا.
وحصدت ميللر ، خلال هذه السنوات التي عاشتها في ألمانيا، الكثير من الجوائز وترجمت إلى حوالي عشرين لغة. ومن مؤلفاتها: «منحدرات» 1982، «فبراير العاري القدمين» 1987 ، «مسافرون على ساق واحدة» 1989 ، «الشيطان يجلس في المرآة» 1991، «الوطن هو ما ننطقه» 2001، «الملك ينحني ويقتل» 2003، «السادة الشاحبون وفناجين القهوة» 2005، «اليوم ما كان لي أن ألتقي بنفسي» 2007. وفي العام الحالي صدرت آخر رواية لها بعنوان « أتيمشاوكيل» ومعناها بالعربية «أرجوحة النفس».
0 التعليقات:
إرسال تعليق