Our sponsors

26 أغسطس 2011

الديكتاتوريون العرب , من أنتم ؟!


قال تعالى { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْـزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة آل عمران اية 26 .

لا زلت اعيش في طرف هذا العالم , و اترقب باهتمام الأحداث الساخنه التي تغلي على صفيح العالم العربي التي أنفجرت بداية هذا العام مثل طوفان نوح و فرعون معاً , في البداية ترددت بإنشاء هذه التدوينة التي قد تكون غريبة مقارنة بالتدوينات الأخرى و طبيعة المدونة بشكل عام , لكنني تذكرت قديماً ما تفعله أغلب المنتديات الترفيهيه التي "تحرّم" التحدث عن ما يحدث في العالم من اضطرابات سياسية بهدف مراعاة مشاعر الأخرين , و كأنهم يعيشوا في عالم مستقل بعيد جداً عن العالم الحقيقي , و إذا كنا نجعل من مراعاة الشعور سبباً في الصمت و الركون لعالم مستقل , فـ تباً لهذا المشاعر ثم تباً لها , و إذا كنت تجعل شماعة المشاعر و الاحاسيس سبباً لعدم التحدث لـ احترامها و تقديرها فـ لن تتحدث كلمة الحق و الصراحة ابداً , و الأمر لا يصل فقط إلى تلك المنتديات فحسب , بل حينما تنظر إلى بعض الشخصيات المشهوره لا يتحدثوا و يبدوا أي رأي عن ما يحدث حولهم و إذا نطقوا يحاولوا يتحدثوا بشكل يعتقدوا انه دبلوماسي , لكنه في نظري انها مجرد سخافة , فـ ما المانع من اي شخص في اي مكان و اي مكانه ان يستشعر ما يحدث حوله خصوصاً و ان له علاقه وطيده بالعالم العربي و يتحدث عنه بشكل صريح من رأيه الخاص , لأن مهما ما يحدث هو يحدث على نفس الكوكب الذي يعيش فيه .

أول مرة اسمع بكلمة "مظاهرات" طبعاً دون ان اعرف معناها , كان ذلك في مرحلة الطفولة و القناة الأولى , كنت ارى ذلك الجمع اللطيف في بقعه ما من دول الغرب الذين يحملون اللافاتات و يصرخون بكلمات لا افهمها , دون وجود معارك أو خدوش تذكر , بعد ذلك بـ مراحل كونت تعريفي الخاص بـ كلمة "المظاهرات" و هي عبارة عن اجتماع جمع ما لـ التعبير عن رأيهم بشيء ما . نقطة . فقط إلى هنا ينتهي معنى الكلمة , لكن ما يحدث في العالم العربي الآن استطيع ان اسميها "انقلاب" أو "حرب اهليه" أو "ثورة" , و جميع هذه المفردات ليست مشينه بالاطلاق , لأن اغلب الثورات إن لم تكن جميعها قد تبدأ بكونها من الأساس "مظاهرات" سلمية , لكن هناك غباء من الحكومة التي لا تعرف الرد عليهم سوى بـ لغة العنف , و على اية حال بالطبع الشعب العربي من المفترض ان يحدث هذه الثورات منذ زمن بعيد , فـ الأنظمة العربية اصعب من ان يتعايش معها كائن حي ينتمي إلى مملكة الحيوان من شعبة الحبليات من طائفة الثدييات من رتبة الرئيسيات من عائلة "الإنسان" .

لم تكن تعلم الشرطيه التونسيه عندما همت لـ رفع يدها لـ تصفع ذلك الشاب كانت على وشك إطلاق أضخم قنبله عربية , ما ذنب هذا الشاب ؟ ما جريمته ؟ ماذا فعل ؟ فقط لأنه مجرد بائع خضار , انطلق محمد البوعزيزي بخطى واثقه و توقف لحظات و هو ينظر إلى ذلك الخط الأحمر , ثم نظر إلى ما وراء ذلك الخط , كان يرى ما يلوح في الأفق , العدل , الكرامه , الحرية , تخطى البوعزيزي الخط الأحمر , و بعد لحظات تبعه سيل جارف من البشر لم يتوقف بعد , ما تبع ذلك منذ 18 ديسمبر إلى وقتنا الآن , أن هناك درساً لم يستطع الحكام العرب أن يستوعبوه بعد , فـ هو بالنسبه لهم معادلات رياضيات من الدرجه الثالثه , فـ الشعب حينما تجتمع كلمته و إرداته و عزيمته لا يمكن أي قوة كانت ما كانت إيقافه , فـ هناك من هرب و أخر تم طرده بينما الثالث تم إقتلاعه , و لا زالت تلك الأنظمه تكابر في قوتها و تعتقد أنها يمكن فعل شيء ما لأيقاف الشعب , أمر مضحك حينما أتأمل في الجمله السابقه , فـ يا سعادة الحمقى الحكام العرب , من تريدون إيقافهم هم ابناء الشعب الذي تحكمه , و ليس عدواً من الخارج , و لا يمكن أن يجتمع عدد كبير من الناس لأطلاق قرار ما يتم رفضه , فـ كيف إذا نظرنا إلى شعب كامل لا يريد رئيسهم ! , أنا لا أعرف ما مدى سلامة عقول هولاء الحكام , لكنني توصلت إلى تشخيص طبي يعكس حالتهم الصحيه , أولاً يبدو أنهم مصابون في عمى في العينين تتحاشى رؤية الحقيقه بسرعه الضوء , و انفجار في طبلة الأذن حيث لا يسمعون إلا صدى انفسهم , و حنجره اصطناعيه تم تسجيل الكلام مسبقاً , فـ هولاء الحكام يعتقدوا أنهم لا زالوا يعيشوا في زمن الأباطره الذي يبسط لهم السجاد الأحمر , و يسجد له الشعب , و يقبل ايديهم و ارجلهم , و يطلق قبل اسم الحاكم كلمة "سيدي" , "مولاي" , "صاحب الجلاله" , و هذا لم يحدث ابداً بعد الآن .

لو ندقق النظر إلى كيف كلاً منهم حصل على الحكم , فـ جميعهم حكموا البلاد دون إرادة و اختيار الشعب , إما كان خلفها انقلابات أو تنازلات أو قليلاً من الحظ , فـ كما ترى الحكام العرب حينما اتتهم الفرصة لـ أن يكون "حاكماً" لن يفرط بها بل سوف يتشبث بها بمخالبه و يعض عليها بنواجذه , فهو يعتقد حينما يكون حاكماً الأرض تصبح ملكه , و الشعب يصبحوا عبيده , فـ البعض منهم يعتقد أن عمله كـ حاكم مجرد تجارة شخصية المستفيد الأكبر منها هو شخصياً , و البعض الأخر يحكم البلاد و كأنه رئيس عصابة مافيا و يحول السجون إلى زنزانات تعذيب و إعدامات , أم الأخر عقله لم ينضج و يستوعب بعد أن الحاكم وضع من اجل الشعب أولاً و أخيراً , و لن و لم ينضج إلى ان تصبح الشمس عمودية على عقله المتجمد لـ يذيب كتلة الجليد التي تحيطه و يستيقظ من غيبوبته , و هذا ما يعكس الأرقام الفلكيه التي يقضيها الحكام العرب على عرش الرئاسه , أنا لا أعرف اي نوع من هذه الحكام بمجرد أن يصرخ الشعب مطالباً بحقوقه يرد عليهم بالرصاص ؟ ليس ذلك بحسب بل عندما يجتمع الملايين مطاليبين برحيله أي شعور يمتلكه لـ يبقى دقيقه واحده في الحكم ؟ أي انظمة حكومية اجرامية تتفنن بالديكتاتورية و الطغيان , و تنافس هولاكو في الوحشية و الأستبداد ؟ و ما يزيد الأمر اكثر استغراباً هو ان كل حكومة لا تستفيد من أخطاء التي قبلها و كأنهم لم يروا نتائج العنف الذي لا يزيد الشعب إلا اصرار و اقتلاع رؤوس الأشرار !

ما يحدث من ثورات هي في صالح المجتمع العربي أجمع , كون الجميع بعد ان يحكمها رجال مخلصون من المفترض ان يلتحم العالم العربي من جديد و لعلها تجعل بقية الحكام يتعظون , و ذلك حينما كل شخص يحكم بلاده بنظرة ثاقبه بعيداً عن أطماع شخصية , فـ تحيه لكل الشعوب الذين صرخوا رافضين لـ اي سياسة عبودية , و تحيه لـ شعوب ناضلت من أجل استرداد حريتها , و تحيه لـ شعوب قدمت نفسها فدائاً في سقوط تلك الأنظمة الديكتاتوريه , حيث أنني حينما شاهدت تحرر بعض الدول خصوصاً في ليبيا شعرت بنشوة الأنتصار و كأنني في أرض المعركه , لكن ما أحزن عليه الآن أكثر هو ما يحدث في سوريا من مجازر فظيعه , مجرد أن تتخيل شعب اعزل يواجه قوى عسكريه تعرف مدى ضعف و جُبن هذا الحاكم الحقير .

هناك سؤال اتمنى ان املك آلة زمن لأعرف الأجابة عليه , إذا في عام واحد لم ينته بعد سقطت أنظمة عربية مختلفة , ماذا سوف يحدث بعد 3 أو 5 سنوات ؟ هل هذه الأنظمة تصبح أفضل من سابقاتها ؟ هل تصبح أسوأ ؟ أو تقود البلاد لـ نهضة حقيقة ؟ اعتقد شخصياً أن الأعوام القادمه ربما تخبيء لنا في غياهبها أحداث قد تغير لنا مجرى العالم لا أعرف ماهيتها بالضبط لكن اؤمن ان العالم على شفا كارثة ما , لكن كل ما اعرفه الآن كلما يصبح هناك حكام يحكموا بضمائرهم كلما نرى منهم اتحاد أكثر مع بعض البلاد العربية الأخرى , أفعالهم الخيرة سوف تطال بقية الشعوب , و الأهم أن يكونوا على جرأه و مقدرة أن يعلنونها أن هناك قضيتنا الأولى المنسية , فلسطين تنادي .

في النهاية , هناك أمر أخير أثاره أحد الأشخاص , بأننا كأشخاص عاديين نتابع هذه الحروب و الكوارث و الثورات على التلفاز و قيمة الأنسان تنخفض بعد كل عام لـ تصل إلى أسوأ درجاتها , و قلوبنا لم تحرك ساكنة , مثلاً أنا بعد أن أكتب هذه التدوينة الفارغه أذهب بعدها لـ اشاهد بحماس أحدى مباريات ريال مدريد , أو اذهب سريعاً لـ أقبض يد تحكم جهاز البلايستيشن 3 لـ أستكمل لعبة  F.E.A.R 3 , أعرف أن ليس ما نمكله هو الدعاء لكن هل قلب الأنسان العربي أصبح معتاداً منذ نعومة اظفاره على تلك الحروب و الكوارث و هذا مما جعل قلبه يتحول إلى حجر و دمعه يجف في محجره , و ذوبان الأدرينالين في جسده ؟

2 التعليقات:

Kitsune يقول...

ما شاء الله تبارك الله لا فض فوك أخي, تدوينة في الصميم و لا أعرف من أين أبدأ...هذا ما يستحق فعلاً أن ينشر في صحفنا بدلاً من الهراء المبرمج المتكرر.


"فـ الأنظمة العربية اصعب من ان يتعايش معها كائن حي ينتمي إلى مملكة الحيوان من شعبة الحبليات من طائفة الثدييات من رتبة الرئيسيات من عائلة "الإنسان." من أجمل ما قرأت صراحة في مقالك و من أصدق ما قرأت. لازلت أتابع الجزيرة حتى هذه اللحظة و أرى المصائب التي يقترفها "مسلمين" بحق مسلمين, أي نوع من "الكائنات" تحكم بلاد العرب و المسلمين الآن؟؟! حتى هذه اللحظة لا أملك الاجابة...


اعجبتني أيضاً: "لو ندقق النظر إلى كيف كلاً منهم حصل على الحكم , فـ جميعهم حكموا البلاد دون إرادة و اختيار الشعب , إما كان خلفها انقلابات أو تنازلات أو قليلاً من الحظ , فـ كما ترى الحكام العرب حينما اتتهم الفرصة لـ أن يكون "حاكماً" لن يفرط بها بل سوف يتشبث بها بمخالبه و يعض عليها بنواجذه..." هل ينظر الحكام للحكم على انه وضع يد, من تولى على شعبه أذله و حقره و نهب ممتلكاته؟!!

فعلاً ما يحدث من ثورات الآن هي في مصلحة العالم العربي و الاسلامي معاً, ربما كانت هذه بداية علو شأن العالم العربي و يا ليت نتقدم و جيلنا مازال على قيد الحياة.


ما أجمل تسمية الربيع العربي لما يحصل الآن!! فعلاً هذه نهضة و صحوة الشعوب و الطريق ما زال طويلاً ووعراً و لكن هنيئاً لكل من استرد كرامته و حقه بيديه و دفع كل ما يملك فداءاً لوطنه.


ليس لنا هنا الا الدعاء لمن يصنع نهضته بيديه الآن, ليس لنا على الأقل الا أن لا ندفن قلوبنا بعيداً عن المسلمين المضتهدين في كل مكان. و يا رب نصلي في فلسطين قبل مماتنا آمين يا رب العالمين.


**دخلت للتعليق على تقييمك لبعض الألعاب بالصدفة لكني سعيدة اني قرأت هذه التدوينة الرائعة, كثر الله من أمثالك أخي.

Somebody's Me يقول...

لم أستطع سابقاً أن أقرأ التدوينه لإنشغالي ولحاجتها لفرأه عميقه.
حقيقةً و بكل صدق لم اعرف اي جزء اقتبس لأعلق عليه فقد أشبعت الموضوع فكراً و شرحاً وافياً ومميز لأبعد الحدود.

أود ان أقول أن ما أجده من أعراض مرض هذه الثورات من يستخف ويستحقر هذه الإنتفاضه و الظاهره الصحيه في العالم العربي, و كأنه هو من يعرف و يفهم و يقرر لكل هؤلاء الناس ما الذي ينفعهم و مالذي يضرهم .

أما ما يحيرك فهو يحير الجميع,أود أن اعرف ما مصير الشعوب و مصير هذه الثورات ,هل سينتج بعد كل هذا الموت و هذه التضحيات ما يستحق ؟ أو بطريقه اخرى هل ستؤمن الشعوب بقيمة هذه الثورات و ان ما فعلوه لا يقف عند هذا الحد ؟ أتمنى أن لا نضطر في يوماً ما ان نجد و نقرأ ما يثبت (نظرة الشماته الصحيحه في عيون الحاسدين )

إرسال تعليق