والدها يناديها باسم "هلّا" بالشدة، أما والدتها تطلق عليها "هلا" بالفتحة، بينما أخوتها ليسوا أفضل حالاً حينما يدعونها بـ "هّلو"، حسناً، ربما يجب عليّ أنا أختار مسمى خاص لي لذلك أنا أطلق عليها "هالة"، لا أعرف كم عاشت من سنوات حتى اللآن لكنها وصلت للمرحلة العمرية التي أفضلها لدى الإطفال، بالكاد تضع أقدامها على الأرض و تمشي و كأن الفلاسفة اليونانين القدامى قد قالوا بأن الأرض مربعة، و لسانها لازال لم يستطع فك الشفرة الصحيحة حتى تنطق بكلمة مفهومة و كأنها ذلك المخلوق الفضائي الذي يجد صعوبة في تعلم لغة بني البشر، لاحظت هي و غيرهم من الأطفال لا يضعوا أحذيتهم الصغيرة خارج المنزل، و إذا خرجت تلحقك بسرعة البطريق في محاولة للوصول لخط النهاية لكنها دائماً تكون متأخرة، و يتبع ذلك دوي بكاء، اللغة الوحيدة التي تجيدها.
يجب أن اعترف أن هذا يحطم قلبي ربما لأنني استرجع ذكريات الطفولة و أتذكر أنني كان يتم إكراهي على مبدأ "التولي يوم الزحف"، لذلك حينما أعود إلى المنزل و أجدها تغط في سبات عميق و كأن لم يحدث شيء، و يلفت انتباهي مرة أخرى أنها احياناً ترتدي هذا الحذاء و لم أفهم قط سر نظافته حتى و لو سارت به أقطار الدنيا.
هكذا تذكرتها حينما شاهدت صورة الطفل الذي كان نموذج يمثل مدى استهتار العالم، صورته و هو يرقد بسلام على مياه الشاطيء اشعرتني و كأنه غالبه النعاس و لم يجد حضن أحد ليضع رأسه عليه سوى ذلك الشاطيء اللطيف الذي هو الأخر بادله بأحساس الحنان حيث لم يتوقف عن التربيت على رأسه و يقول له "لا عليك، لقد كان مجرد حلم مزعج"، الوجه الملائكي الذي تناقلته الصور صورة من أقس ما رأيت.
ثم هنالك الحذاء النظيف!!
تسائلت كثيراً هذا الطفل البريء هل هذا أقصى ما تعرض له؟ كيف كانت حياته وسط جحيم الحرب و جنون البحار؟ هل يستحق هذا؟ كيف بالله عليكم يحدث هذا في أرض ثمة دول يطلق عليها زوراً و كذباً بلاد الإنسانية و بلاد الحرية، و مؤسسات حقوق الإنسان؟ العالم الوحيد الذي يحتوي أبناء آدم فشل في المحافظة عليهم، و لم يفعل شيء طوال 4 سنوات أمام آلة القتل و هي تمارس شتى أنواع الإجرام، قصفاً و حرقاً و تعذيباً، بالتأكيد ذلك الطاغية هو الأسوأ في العصر الحديث، لكن أتدرون ما هو اسوأ من ذلك؟ هو وقوفنا في مقعد الجماهير، كل دقيقة يعاني به الشعب السوري من ويلات الحرب من جميع دول العالم و لاسيما دول الخليج هي شريك في معاناته و كيف لا و هي كل ما تعتقد كافي لحل المشكلة مجرد السفر لدول أوروبا و قذف الهواء المتشكلة بكلمات الشجب و الإنكار طوال أربعة سنوات! نحن لا نتحدث عن دولة في شرق آسيا أو قارة لم يستكشفها كولومبوس بعد، بل عن دولة مسلمة عربية نحن نتمي لها، و إذا لم نستطع فعل شيء لأيقاف عداد الشهداء فجيب علياً حتماً أن نتوقف عن الدعاء بفتح فلسطين.
أعرف أننا كأشخاص لا نملك حيلة ابداً في وقف حمام الدم، لكن ألا يحرك مشاعرك و تشعر بالخجل من دولنا حينما تسمع بموجة الأنسانية بدولة مثل ألمانيا يلتم شعبها لاستقبال اللاجئين في محطات القطار و يتم الترحيب بهم في لافتات بملاعب كرة القدم، و دولة مثل آيسلندا يفتحوا منازلهم لاستقبالهم و رئيس وزراء فنلندا يقوم بالمثل و مظاهرات تشتعل في النمسا ضد السلطات الحكومية للسماح بدخولهم، و صفحات أشهر الصحف الغربية يتصدرها مشهد الطفل، بينما نحن الأقربون أقصى ما نفعله هو كتابة بضع كلمات لا تتجاوز الـ140 حرف. إذا لم تشعر بأي شيء تجاه هذه المواقف فإما أنك تعاني من مشكلة أو أنا أعاني من مشكلة.
و مع كل ما يحدث وصلت لقناعة لن يتغير شيء ابداً إذا لم تتحرك الدول الغريبة او أن يظهر بطل مسلم مغوار رغم أن في وقت ما مجرد نداء وامعتصماه سوف يحرك قلوب و سبباً في تحرير دول، و في وقت ما ظهر جيش المغول العظيم الذي الذي يأكل الأخضر و اليابس و يعتبر أعظم الجيوش لكن سيف الدين قطز لم يركع لهم و هزمهم في معركة عين جالوت، ربما الكل نسى الطفل حمزة الخطيب حينما تم تعذيبه و قطع عضوه، إذا هذا لن يحرك مشاعر حكوماتنا ماذا يمكن أن نرجوا منها؟
كل هذا جزء من السياسة، و مباديء السياسة واحدة لا تتغير منذ عقود حتى و لو حساب أرواح المئات من الأبرياء، و لو نرجع للتاريخ و بالتحديد في الحرب العالمية الثانية يمكننا فهم كل شيء، على سبيل المثال هل تعلم أن دول العالم لم تحرك ساكناً ضد ألمانيا حينما غزت الدنمارك و النرويج و تشيكسلوفاكيا و حينما غزت بولندا لم تعاديها الاتحاد السوفيتي بل وافقت على مضض ان تتشارك قسم من خارطة بولندا، رغم أن الاتحاد السوفيتي بعد ذلك ينضم إلى قوات الحلفاء ضد ألمانيا، و هل تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية أخر دول الحلفاء التي شاركت في الحرب العالمية الثانية رغم أن ألمانيا غزت حلفائها بريطانيا و فرنسا لكنها لم تشارك إلا بعد أن تم قصف ميناء بيرل هاربر من قبل اليابان، الكل يبحث عن مصالحه الخاصة، فالسياسية لا يوجد بها مصطلح رحمة أو شفقة، و يجب أن نعترف أن دولنا تابعة للولايات المتحدة و لن نستطع نغير المشهد إلا بعد أن نتحرر من عبوديتنا السياسية لهم، لذلك لن يحدث أي تغيير في الوضع الراهن.
أعرف أننا كأشخاص لا نملك حيلة ابداً في وقف حمام الدم، لكن ألا يحرك مشاعرك و تشعر بالخجل من دولنا حينما تسمع بموجة الأنسانية بدولة مثل ألمانيا يلتم شعبها لاستقبال اللاجئين في محطات القطار و يتم الترحيب بهم في لافتات بملاعب كرة القدم، و دولة مثل آيسلندا يفتحوا منازلهم لاستقبالهم و رئيس وزراء فنلندا يقوم بالمثل و مظاهرات تشتعل في النمسا ضد السلطات الحكومية للسماح بدخولهم، و صفحات أشهر الصحف الغربية يتصدرها مشهد الطفل، بينما نحن الأقربون أقصى ما نفعله هو كتابة بضع كلمات لا تتجاوز الـ140 حرف. إذا لم تشعر بأي شيء تجاه هذه المواقف فإما أنك تعاني من مشكلة أو أنا أعاني من مشكلة.
و مع كل ما يحدث وصلت لقناعة لن يتغير شيء ابداً إذا لم تتحرك الدول الغريبة او أن يظهر بطل مسلم مغوار رغم أن في وقت ما مجرد نداء وامعتصماه سوف يحرك قلوب و سبباً في تحرير دول، و في وقت ما ظهر جيش المغول العظيم الذي الذي يأكل الأخضر و اليابس و يعتبر أعظم الجيوش لكن سيف الدين قطز لم يركع لهم و هزمهم في معركة عين جالوت، ربما الكل نسى الطفل حمزة الخطيب حينما تم تعذيبه و قطع عضوه، إذا هذا لن يحرك مشاعر حكوماتنا ماذا يمكن أن نرجوا منها؟
ارقد يا "إيلان" بسلام فأنا أعلم أنك في مكان أفضل مما كنت فيه و بجانب من تحبهم و يحبوك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق