إنه من العجيب كم تمضي الأيام بسرعة كبيرة، الكثير من المحطات في حياتك تعتقد أنك ستقف فيها لوقت طويل لكن سرعان ما تغمض عينيك و من ثم تفتحها تجد كل شيء.....انتهى.
ابدأ بهذه المقدمة لأنني استرجعت قراءة عدد من تدويناتي القديمة قبل خمسة سنوات، مثلاً حينما كتبت عن الاختبارات النهائية للمرحلة الثانوية، و من ثم بعدها كتبت تدوينة بعد أن انهيت مرحلة الدراسة في المدارس، و كنت سعيداً جداً و كأن هذا هي نهاية المطاف، لكن بعد فترة كتبت تدوينات أعبّر فيها عن مدى بؤسي و كآبتي حينما لم استطع أن انضم للجامعة التي أريدها و التخصص الذي أطمح له، و الأكثر تحطيماً حينما لم تقبلني اي جامعة، كانت ايام صعبة عشتها، ثم بعد ذلك حينما وجدت الكلية المناسبة و كأنها هبطت إليّ من السماء كتبت تدوينة أخرى استعرض فيها أول يوم جامعي في حياتي! و بعدها بثلاثة سنوات حينما انهيت دراسة درجة الدبلوم و اردت استكمال درجة البكلوريوس اصدمت بواحدة من أصعب العقبات حيث كنت في الواقع اعتقد أن من شبه المستحيل أن أكمل دراستي، و دونت تلك التجربة في مذكرات.
و الآن، و أنا أنظر لمسار الحياة، لا أعرف كيف أصف الشعور الذي يراودني؟ و أنا أرى الشخص الذي يكتب تلك العبارات و يخوض تلك التجارب و كأنه شخص أخر، رغم الكثير من الأمور التي حدثت كنت اعتقد أن ليس لها حل، دائماً ما يظهر الفرج من حيث لا احتسب، اكتشفت حينما تنهي فترة من الحياة دائماً بدايتها سعادة و منتصفها خذلان و نهايتها فرج، هكذا أرى تسلسل حياتي مع بداية كل مرحلة.
لكن هذه الفترة التي أمر بها، مختلفة جداً، لأنني توجت كل تلك العقبات و انجزت ما أريده حينما استطعت التخرج نهائياً بدرجة مهندس كهربائي، شعور عجيب أنك لست فقط تقفز لدرجة من السلم، بل تطوي صفحة عملاقة من فترة مختلفة، و اعني فترة الدراسة و البحث عن شهادة.
أيام مضت مختلفة في الطعم و الرائحة في تلك الحياة الأكاديمية، مع كل عام يمضي كنت نظرتي مبهوته في طريق النهاية، كنت دائماً اعتقد أنها بعيدة، و ان تفكيري و حياتي كلها تنصب فقط على الدراسة و الدراسة و لا غير ذلك، لكن الآن فجأة أقف في خط النهاية و أجد باب أخر عملاق يدخلني لعالم مختلف تماماً.
السؤال الذي سوف يتكرر دائماً و ابدأ: هل سوف تشتاق لفترة دراسة الكلية؟
مما لاشك فيه أنا لا أحد بالغ عاقل ذكر أو انثى، يعشق الأيام التي يقضيها في كتابة عدد من التقارير و حل عدد أخر من الواجبات، و يقضي ساعات في المذاكرة للاختبارات، لا احد يعجب بأيام الاحباطات حينما تبذل مجهوداً للمذاكرة لكن تحصل على أقل ما تستحق، أو متابعة المعدل كل ترم و تشعر و كأنك تراقب شعرة تخشى عليها من الطيران، و لا أيام التي تواجه فيها معلمين و دكاتره و مهندسين الذين وظيفتهم جعل حياتك اصعب أو أسهل، لكن كل الجانب العملي لو نضعه للوراء و أنظر للتجربة الوجدانية التي تجمعك مع بقية الطلاب، حيث تشعر بنوع ما من الترابط حيث أننا نعيش نفس التجربة و نخوض نفس المعاناة، لا أحد يعيش ظروفه المستقلة في قاعة المحاضرات، و هذا بالطبع يولد صداقات جميلة و في نفس الوقت بغيضة.
نعم، جزء مني سوف اشتاق لعالم الكلية ليس للدراسة بحد ذاتها لكن الظروف الجميلة التي تربط الجميع ببعض، و خصوصاً أخر سنتين كانت هي الأميز من بقية السنوات، بطبيعة حال الأنسان إذا تملك شيء أو صاحب أحد أو قضى وقت في مكان ما لوقت طويل، مشاعرة سوف تفرض عليه نوعاً من الحزن حينما يتم فراقها، و ربما هذا جانب من متلازمة ستوكهولم!
و على صعيد أخر، لم اتوقع أن بعد كل هذه السنوات أعود مجدداً للمدونة الميتة و اكتب فيها، و كم من المضحك أرى كتاباتي القديمة و أنا أشعر بالحرج من نفسي، بالفعل، الكتابة مثلها مثل اي شيء تكبر مع شخصية الكاتب، احياناً تنضج و أحياناً تصبح ذابلة لأنها مثل الجسد تحتاج للكثير من تمارين اللياقة لتقويتها.
انتهى فصل كامل من الحياة، و لا أعرف ماذا يخبيء الزمن لي، و متى سأعود مرة اخرى للكتابة عن تطور يحدث لي!
و اختتم هذه التدوينة بكلمات هذه الموسيقى المفضلة لدي في لحظات الوداع
Lay down
Your sweet and weary head
Night is falling
You have come to journey's end
Sleep now
And dream of the ones who came before
They are calling
From across the distant shore
0 التعليقات:
إرسال تعليق