مثلاً مثلاً مثلاً، لو افترضنا مجرد افتراض أنك تسير في أحد شوارع أمريكا أو أوروبا -لا تستعجل و تتسائل لماذا ليست السعودية- و شاهدت رجل مسن مهتريء الظهر أتخيله مثل "كارل فريدريكسون" ينظر إلى لافته عملاقة تغطي أحد ناطحات السحاب، تمتم الرجل العجوز بكلمات مثل "ما هذا؟"، كل ما عليك أن تسحبه برفق بيده الباليه و تدعوه لـ شرب عصير "سن توب" و تخبره عن الفيديو جيمز.
الحقيقة أن الفيديو جيمز الآن ربما أصبح الرقم الأول في ميديا الترفيه و يشهد شعبية كبيرة و منتشرة غير مسبوقة -حسناً على الإقل بالنسبة لي- فـ إذا نتحدث عن لغة الأرقام فإن لعبة الفيديو Grand Theft Auto V دخلت موسوعة "جينيس" للارقام القياسية حيث حصلت قرابة مليار دولار في ثلاثة أيام متوجة اسمها كأسرع منتج ترفيهي مبيعاً -بما فيها العاب الفيديو جيمز و الأفلام- و محطمة رقم لعبة الفيديو جيمز الأخرى Call of Duty: Black Ops II و التي وصلت لهذا الرقم في 15 يوم، إلى جانب كانت ألعاب الفيديو جيمز نوعاً ما محصورة الأنتشار في مواقع الإنترنت، لكن الآن نحن نشهد دعاياتها على شاشات التلفاز و تحتل لوحات الإعلانات في ملاعب كرة القدم و كرة السلة و الهوكي بل حتى غزت عالم هولويوود نفسها باقتحامها في حوارات الأفلام -مثل فيلم The Wrestler- بل أن "ديزني" قامت بإنتاج فيلم Wreck-It Ralph المقتبس من شخصيات مختلفه من الفيديو جيمز، و كما أن الفيديو جيمز أخذت في استقطاب شريحة من المشاهير في تجربة ألعاب مختلفة و أصبح عدد من البرامج المشهورة وسيلة في استعراض الألعاب و أنا أتحدث عن برامج "جيمي فالون" و "كونانن اوبراين"، و لا ننسى إنجاز لعبة Journey في دخولها ترشيحات جوائز "جرامي" الموسيقية كأول لعبة فيديو جيمز تحقق هذه الأنجاز، و ربما لم يبقى سوى أن نرى فيلماً مقتبس من لعبة فيديو جيمز يحقق جائزة الأوسكار، أوه نسيت بالفعل أن سلسلة أفلام قراصنة الكاريبي خرجت من رحم لعبة الفيديو جيمز جزيرة القرود.
هون عليك، قد تتفق أو تختلف معي في مدى انتشار الفيديو جيمز، لكن ليس هذا محور الموضوع، أنا اتحدث عن شخص يشبه "كارل فريدريكسون" و الذي نسيت أن استكمل قصته فحينما اخبرته أن هذه اللافته العملاقة تخص الفيديو جيمز، أطلق هذا الرجل العجوز سؤال فلسفي: "ما الممتع في ألعاب الفيديو جيمز؟"، بالفعل تشاهد صناعة الفيديو جيمز تضخ مبالغ ضخمة و أشخاص لا يتوقفوا عن انتظار صدور الألعاب واحدة تلو الأخرى، لماذا لم يتوقف اللاعبين عن اللعب؟ و ما الفرق بين لعبة و أخرى طالما أنها على اية حال تبقى لعبة؟ في طفولتي قبل أن أعرف الفيديو جيمز، و كأي طفل أغلب ألعابي هي من مجسمات السيارات -رغم إنني أكرها- أو بعض دمى الأبطال الخارقين -لدي واحدة لباتمان و روبن و زورو و كليهما بترت ايديهما و أرجلهما من خلاف- لكن السبب الذي أفضل تلك الدمى عن اي لعبة أخرى لأنني عندما ألعبهما اصنع قصتي و أحداثي الخاصة و انغمس في إخراج مشاهد سينمائية توازي أفلام "كريس نولان"! -امزح- ثم اتى بيني و بين أخي الكبير نقاش عن أحلامنا و تخيلاتنا و أمانينا أيضاً عن لعبة الحلم التي تريد أن تكون في الواقع، أخبرني أخي و أنا اهز رأسي موافقة انه يتمنى تكون هنالك لعبة يستطيع أن يتحكم بشخص بها و هو يواجهه العقبات و الأعداء، وافقته على ذلك و لعابي يسيل على وصف أخي و من هنا بدأت اعشق اي لعبة إلكترونية و تدرجت حتى تعرفت على ألعاب الفيديو جيمز و الذي هو بمثابة لعبة الحلم بالنسبه لي، اعتذر على سرد تلك القصة المملة لكن من هنا أنطلق بل أعود مجدداً لسؤال السيد "فريدريكسون": "ما الممتع في ألعاب الفيديو جيمز؟"
في الحقيقة عندما أريد الإجابة على هذا السؤال أجد الكثير من الخيارات و التي جميعها صحيحة، و اعتقد كل شخص ربما يملك إجابة مختلفة عن الأخر، فـ الفيديو جيمز يوفر لديك أصناف مختلفة من المتعة، لكن هذا لن يجيب على تساؤل صديقنا العجوز، اية متعة تقصد؟ سوف اسرد لك مختلف الأسباب عن نظرة الناس لمتعة الفيديو جيمز، و سوف ابدأ بمغزى قصة طفولتي و لب الفيديو جيمز ألا و هي: التجربة، لا ينكر عاقل ذكر أو أنثى، صغير أو كبير بأن ألعاب الفيديو جيمز لديها لذة مختلفة في ممارستها و جانب مختلف تماماً عن اي نوع من الترفية، فـ على سبيل المثال لو أردت مشاهدة فيلم كـ ما عليك الذهاب للسينما أو شراؤه أو أو أو -احم- قرصنته، لكن الشخص الذي يقوم بهذا الفعل ماذا يفعل؟ فقط يسترخي على الكرسي أو يتناول شيء ما -رغم اني لا أفضل ذلك- و يبدأ في المشاهدة دون أن يكون له أي تدخل أو فعل انسجامي مع الفيلم المعروض، و نفس الحكاية مع قراءة رواية أو القصص المصورة التي تجعلك تمرر عينيك على الحروف و تترجمها لخيال في عقلك، لكن ماذا عن الفيديو جيمز؟ هنا يأتي الأفضلية في عنصر التجربة بحيث أنك حينما تضع قرص اللعبة في جهازك يحتم عليك أنت أن تتحكم في اللعبة و تسييرها عبر عالمها و تكون جزء أساسي في اجتياز العقبات و اللعبة لا يمكن أن تنتهي من تلقاء نفسها إلا إذا أنت تكون شريك في التجربة، فحينما تواجه عدو ما أنت من تقتله، و حينما تجد عقبة أنت من تفكر بإجاد حل لها، العاب الفيديو جيمز بداخلها عوالم مختلفة و شخصيات متعدده بحيث تجعلك تتقمص الكثير من الشخصيات إما أن تكون جندي في الحرب العالمية الثانية، أو مجرد مجرم معتوه يقتل الأبرياء و يسرق البنوك و السيارات، أو فارس مغوار يحارب التنانين العملاقة و المخلوقات الأسطورية، أو أن تققدم للزمن للأمام أو للوراء لتكون في المستقبل أو في العصور الماضية، بحيث أنها سوف اشبه بطائرة ليس لها حدود تجعلك تنطلق لمختلف الرحلات السياحية و تتأمل عوالم و حقب متعددة، فـ كل ذلك يحدث و أنت لست مجرد قاريء للقصة أو واحد من الجمهور بل أنت جزء لا يتجزأ من التجربة كلها.
رغم أن التفاعل مع الفيديو جيمز ربما يعتبر من مشتقات التجربة نفسها، لكنني أفضّل أن أجعله عنصراً منفصلاً فـ ليس كل تجربة سبباً لتواجد تفاعل كامل معها، جميع ألعاب الفيديو جيمز يوجد بها تجربة لكنني لا استطيع أن أجزم أنها مثالية في تفاعلك معها، على اية حال اعتقد أن نوعية التفاعل التي أعنيه ينقسم أربعة أنوع -قد تختلف معي أو تتفق و لك مطلق الحرية- النوع الأول و هو النوع الكلاسيكي أو القديم في التفاعل مثلما يوجد في ألعاب الـPoint and Click بأشكالها المختلفة بحيث أنها تتيح لك الحديث مع الشخصيات و اختيار العبارات المناسبة لمعرفة جزء من القصة أو جزء من حل لغز ما و هذا تفاعل استطيع أن أصفه بالبدائي، الأنواع التاليه اعتقد أنها ظهرت بشكل مكثف في ألعاب هذا الجيل، ابدأ مع تفاعلك مع قصة لعبة بحيث أنها لا تروي أحداث اللعبة عن طريقة مقاطع سينمائية بل تجعلك جزء منها و تتفاعل معها بشكل يحبس الأنفاس و تعيش تلك اللحظة بشكل مذهل، استطيع أن أوضح ما أقصده في هذا النوع و هو ما اصبح يتعارف عليه بكلمة "السينمائية"، أنا أرى ألعاب مثل سلسلة Uncharted و سلسلة Call Of Duty هم اسياد التفاعل السينمائي مع القصة و إدراجك أنت اللاعب معها دون أن يتم عرضها بمقطع سينمائي دون أن يكون لك يد به، هذا الأسلوب لا يجعلك فقط تستمتع بالتجربة بل ايضاً تتفاعل معها، النوع الثالث هو التفاعل بجعلك مخرج و كاتب لبعض جوانب اللعبة بخلق خيارات و قرارات تغيير من مسار القصة و محتواها مثل ألعاب The Walking Dead و Mass Effect و Heavy Rain، هذه الألعاب كسرت الحاجز بين اللعبة و اللاعب و لم تعد تروي قصة ذات مسار واحد بل أنت لك الخيار بتسيير القصة بأشكال مختلفة و هذا بحد ذاته متعة لأنك تستشعر أن لك دور كبير في تلك الألعاب، النوع الأخير من التفاعل هو ما توفره ألعاب الفيديو جيمز من خدمة لن تجدها في اي منتج ترفيهي بحيث أن التفاعل يمتد إلى يشترك فيها مجموعة أشخاص و ليس شخصك اللطيف، أنا أعني الألعاب التي توفر طور اللعب الجماعي أو "الأونلاين" و مع توفر هذه الخاصية المميز التي تتيح لك المنافسة مع أصدقائك أو أي شخص في أطراف هذا العالم فـ هنا لا يوجد حدود لمسار لعبك لأنك في هذا الحال أنت تتعامل مع بشر هذا يعني أن كل ردة فعل لهم هي نابعة من عقل حقيقي و هل هناك أفضل تعريف للتفاعل من هذا؟
أخبرني بالحقيقة: ألم يتدفق هرمون الأدرينالين حينما وصلت لهذا الجزء من Uncharted 3 ؟ |
العمر الطويل، لن تجد وسيلة ترفيه أخرى تقضي معها وقت طويل أكثر من اية لعب فيديو جيمز، بالطبع ليست جميع ألعاب الفيديو جيمز، لكن من المعروف هناك أصناف من ألعاب الفيديو جيمز التي تجعلك تصاب بالأدمان منها و هذا الشيء يجعلك تقضي وقت طويل في تلك الألعاب، بحيث أنها ليس لها نهاية و يمكنك القضاء معها الوقت يومياً دون ملل، و إذا قضيت وقت طويل مع أي أمر في هذه الحياة بإرادتك فهذا بلا شك يعني أنك تستمتع بكل دقيقة به، أنا أتحدث عن ألعاب العالم المفتوح و بعض ألعاب الـRPG و الألعاب الرياضية و ألعاب الأونلاين أو ألعاب الـMMO و حالياً ظهرت ألعاب Random Generator، جميع تلك الألعاب لن تضع لك حد معين حتى تصل اللعبة لنهايتها، بل متعة اللعبة نفسها أن تلعبها مرة تلو الأخرى إما بسبب طبيعتها التنافسية مع أشخاص أخرين أو محاولة الوصول لمستويات أعلى، أو أن عالم اللعبة في تجدد مستمر و في كل مرة تستكشف شيئاً جديداً.
ما السبب الذي يجعل الناس يلعبوا الأونلاين لأوقات طويلة؟ |
لا أعرف إذا السيد "فريدريكسون" يستمع لي طوال هذا الوقت، في الحقيقة استطيع سماع صوت شخيره المزعج، على الأقل شرحت له ماذا يمنحك ألعاب الفيديو جيمز -من وجهة نظري- من متعة تجعلك تخوض تجارب مختلفة و تتفاعل مع قصص و أحداث عديدة و تقضي أوقات طويلة معها دون قيود معينة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق